بايدن يعانق إسرائيل

بايدن يعانق إسرائيل وينتقد حكومتها.. يصدّ نتنياهو ويحتضن هرتسوغ

  • بايدن يعانق إسرائيل وينتقد حكومتها.. يصدّ نتنياهو ويحتضن هرتسوغ

اخرى قبل 10 شهر

بايدن يعانق إسرائيل وينتقد حكومتها.. يصدّ نتنياهو ويحتضن هرتسوغ

 

الناصرة- / وديع عواودة

فيما التزم رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو الصمت على حملة الرئيس الأمريكي جو بايدن على بعض وزراء حكومته، قال وزير الأمن القومي المدان بالإرهاب إيتمار بن غفير بلهجة لا تخلو من السخرية إن إسرائيل لم تعد جزءاً من أمريكا.

في حديث للقناة العبرية 14 قال بن غفير أيضاً، معقباً على انتقادات بايدن، إنه “إذا كان بايدن يعتقد أن توزيع الأسلحة على الإسرائيليين تطرفٌ، فأنا أدعوه لزيارة القدس والخليل ليرى أن التطرف الذي يتحدث عنه بدافع الحب لإسرائيل، نحن نحب بلادنا”.

وكان الرئيس الأمريكي جو بايدن حمل على حكومة الاحتلال، بقوله إن وزراء يريدون الاستيطان في كل مكان في الضفة الغربية هم جزء من المشكلة. لافتاً، في حديث لشبكة سي إن إن، إلى “أن بعض وزراء الحكومة الإسرائيلية، كسموتريتش وبن غفير، هما أكثر من أتذكرهم تطرفاً منذ حكومة غولدا مئير. ورفض بايدن الإجابة على السؤال متى سيُقدم دعوة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لزيارة البيت الابيض، مكتفياً بالقول ان رئيس الدولة يتسحاق هرتسوغ سيزوره قريبًا.

بايدن حملَ على حكومة الاحتلال، بقوله إن وزراء يريدون الاستيطان في كل مكان في الضفة الغربية هم جزء من المشكلة.

أنا صهيوني

جو بايدن، الذي عرّف نفسه، قبل سنوات قليلة، بأنه صهيوني وصديق حميم لإسرائيل، ودَعَمَها طيلة مسيرته السياسية، منذ انتخابه عضواً في الكونغرس عام 1973، يقول اليوم إنه لم يعرف حكومة إسرائيلية فيها وزراء متطرفون بهذا المقدار منذ حكومة غولدا مئير. ويبدو أنه اختار ذِكر غولدا مئير بالذات رغم أن حكومات سابقة لحكومتها شملت متطرفين ومتشدّدين أيضاً، وذلك لأنه كان قد التقاها خلال زيارته للبلاد قبيل حرب تشرين 1973. خلال الزيارة التقى جو بايدن بصفته سناتوراً أمريكياً مع نائب وزير الصحة الإسرائيلي عبد العزيز زعبي من حزب “مباي”، في مدينته الناصرة، فقال، عقب اللقاء، إنه يخشى صعود اليمين في إسرائيل. كما قال بايدن خلال لقائه بالزعبي، وفق صحيفة معاريف من يوم 02.09.1973، إنه على إسرائيل، بصفتها دولة قوية، أن تبادر هي إلى طرح مقترحات على العرب لتسوية الصراع، وإعادة الأراضي الفلسطينية. وتابعت “معاريف”، وقتها، قبل 50 سنة: “السناتور الأمريكي جو بايدن، المعروف بموقفه الصارم من إسرائيل، قال أيضاً إن الولايات المتحدة هي الوحيدة القادرة على تقريب السلام في الشرق الأوسط”. وعلّل ذلك بالقول إن “النفط العربي لا يمكن أن يكون وسيلة سياسية من قبل الدول العربية”.

قلق الأب على الابن

مرت خمسة عقود، وما زال جو بايدن يعرب عن قلقه من “اليمين”، ومن الوضع المتوتر، ومن الأفق المسدود، ولكن قلقه المتتالي بقي حبراً على ورق دون ترجمة الأقوال لأفعال، رغم أنه اليوم صانع القرار الأول في العالم. ولذا فإن هذا القلق، وهذا الانتقاد اللفظي الموجّه لحكومة الاحتلال، لا يدعو لقلق في إسرائيل على مستقبل العلاقات الإستراتيجية المتينة بين الولايات المتحدة وبين دولة الاحتلال. بالعكس تأتي انتقادات بايدن من القلق على إسرائيل، ومن قلق الأب على مستقبل الابن، فهو يعتقد أن تسوية الدولتين مصلحة عليا لإسرائيل بالدرجة الأولى، ويتبنى رؤية أوساط في اليسار الصهيوني تخشى من أن ضم الضفة الغربية يعني نهاية الحلم الصهيوني، لأن إسرائيل لن تبقى دولة يهودية ولا ديمقراطية، بسيطرتها على ملايين من الفلسطينيين بين البحر والنهر يتجاوز عددهم بقليل عدد اليهود. ورغم “الأزمة” السياسية بين البيت الأبيض وبين حكومة نتنياهو السادسة، إلا أن التعاون الأمني بينهما يزداد، إذ يبدأ اليوم، وهذا مجرد مثال، تمرين لسلاحي الجو الإسرائيلي والأمريكي، ويحاكي التمرين الذي سيستمر أسبوعاً تنفيذ هجمات إستراتيجية بالعمق مع مقاتلات وطائرات إمداد بالوقود.

 لماذا الآن

ومن المرجح أن توقيت هذه الانتقادات العلنية ليس صدفة، فقد جاءت عشية قيام الكنيست الإسرائيلي، اليوم الإثنين، بالمصادقة بالقراءة الأولى على مشروع قانون “تقليص حجة المعقولية”، أو ” تقليص معيار الرجاحة” الذي يحظر على المحكمة الإسرائيلية العليا التدخل ومنع قرارات الحكومة، ما يعني إلغاء الموازنات والكوابح والقيود على السياسيين الذين سيفعلون ما يحلو لهم على الصعيد الإسرائيلي الداخلي، وعلى مستوى العلاقات مع الفلسطينيين وغيرهم، دون حسيب ولا رقيب. وهذه ليست المرة الأولى التي يحاول فيها بشكل مباشر أو غير مباشر كهذه المرة في انتقاداته، لمؤازرة المعسكر المعارض لهذه التشريعات، ويرى فيها انقلاباً على النظامين القضائي والسياسي، وقد أعلن، قبل شهرين، أن التعديلات والإصلاحات القضائية في إسرائيل ينبغي أن تتم وسط توافق واسع، وليس بشكل أحادي، وهذا ما اعتبرته حكومة الاحتلال “فزعة” للمعارضة وتدخلاً في شؤونها.

رسالتان.. لنتنياهو وللإسرائيليين

وتضمنت انتقادات بايدن رسائل موجهة لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو مفادها أنه إذا لم تكبح جماح الوزراء المستوطنين والمتشددين أو تبعدهم عن حكومتك فلن تتم دعوتك للبيت الأبيض، بخلاف التقاليد الثنائية المتبعة بين الطرفين حتى الآن، وتقضي بدعوة كل رئيس حكومة احتلال جديد للبيت الأبيض، ونتنياهو بأشد الحاجة لمثل هذه الزيارة لكونها ترفع من شعبيته المتدنية في هذه الفترة. كما تتضمن رسالة مبطنة أخرى لنتنياهو تقول إن التطبيع مع السعودية سيبقى حلماً بعيد المنال، وهكذا أيضاً توسيع “اتفاقيات أبراهام” ما دام الفلسطينيون يحرمون من بعض منافع التطبيع ومشاريع التطوير الإقليمية. إن استمرار تصريحات الساسة الإسرائيليين ضد فكرة التسوية ومضيهم في التهويد والاستيطان والحملات الدموية عل الفلسطينيين يحرج الإدارة الأمريكية، بعدما كانت قد وعدت باتخاذ موقف مغاير، وبالدفع نحو تطبيق فكرة الدولتين، ما يفتح الباب أمام اتهامها بالتسويف والكذب وازدواجية المعايير، خاصة في ظل الهوة الكبيرة بين موقفها من احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية والاحتلال الروسي لأوكرانيا.

الانتقاد اللفظي الموجّه لحكومة الاحتلال لا يدعو لقلق في إسرائيل على مستقبل العلاقات الإستراتيجية المتينة بين الولايات المتحدة وبين دولة الاحتلال، فهي من قبيل قلق الأب على مستقبل الابن.

نتنياهو لا يقدر ولا يرغب

من جهته يدرك نتنياهو أن هذه رسائل متتالية موجهة له من البيت الأبيض منذ تشكيله حكومته السادسة، في مطلع العام الجاري، ولذا يحاول إقناع حكومته، في الأسابيع الأخيرة، بتقديم مساعدات مشروطة ومحدودة للسلطة الفلسطينية كي لا تنهار وتلحق ضرراً بإسرائيل، وهذا دفعه للقول، قبل أيام، إنه يرغب بدعم السلطة الفلسطينية.

وقبل ذلك كان قد أعلن عن احتمال موافقة حكومته على تنقيب فلسطيني عن غاز في سواحل غزة، علاوة على تسهيلات إسرائيلية للفلسطينيين داخل الضفة الغربية. لكن البيت الأبيض، بعد كل ذلك، يسمع تصريحات الوزراء المتشددين والغيبيين أمثال باتسلئيل سموتريتش، إيتمار بن غفير، وسمحاه روطمان، ممن يقولون إنهم قادرون على الاستيطان في كل مكان، فيستنتج أن نتنياهو غير قادر على تقديم المساعدة للسلطة الفلسطينية حتى لو كانت محدودة، لكونه أسيراً داخل ائتلاف يتحكم به، وربما يكون هو الآخر غير راغب بمدّ أي نوع من المساعدة ويطمع هو الآخر بسقوط السلطة الفلسطينية، والإجهاز على نواة الدولة الفلسطينية. وهذا ينعكس في حجم المساعدات المحدودة والأهم الشروط الكثيرة عليها، مثل التوقف عن “دعم الإرهاب والتحريض” الخ، وهذا تدركه الإدارة الأمريكية بتجربتها الطويلة معه، منذ اعتلى سدة الحكم في 1996.

في المقابل وجّه بايدن رسالة للإسرائيليين مفادها أنه مع إسرائيل، وضد توجهات حكومتها، وذلك من خلال امتناعه من جهة عن دعوة نتنياهو لزيارة واشنطن، ومن جهة أخرى دعوة رئيس إسرائيل يتسحاق هرتسوغ لها.

هدية للمعارضة

وربما تكون الحملة الوحشية على مخيم جنين، وقبلها جرائم المستوطنين في البلدات الفلسطينية دفعت بايدن لتصعيد لهجة الانتقادات لحكومة الاحتلال التي من شأنها أن توظف في حملات ضدها في العالم. وينقل موقع “واينت” عن مصدر أمريكي رفيع قوله إن أحداث مخيم جنين زادت قلق بايدن المحّب لإسرائيل، لكنه قلق مما يجري، ويتوقع أن يسيطر نتنياهو على المتطرفين داخل حكومته”. وبما يتعلق بالتوقيت، قال المصدر المذكور: “لو سئل بايدن من قبل شبكة سي إن إن عن الاحتجاجات في إسرائيل لقال إنه لا بدّ من توافق واسع على التشريعات”.

 وتوظف المعارضة الإسرائيلية هذه الانتقادات في السجالات الداخلية، بما فيها أوساط صحافية مناوئة لنتنياهو، فيقول المعلق البارز في صحيفة “يديعوت أحرونوت” ناحوم برنيع إن “نتنياهو شخص غير مرغوب به في واشنطن”، فيما نوّه القنصل السابق لإسرائيل في نيويورك ألون بينكاس لشدة اللهجة التي يستخدمها بايدن في انتقاداته، وذلك ضمن مقال تحت عنوان: “بايدن يصرح ما يعتقد به تماماً”.

“القدس العربي”:

التعليقات على خبر: بايدن يعانق إسرائيل وينتقد حكومتها.. يصدّ نتنياهو ويحتضن هرتسوغ

حمل التطبيق الأن